هن فتيات جمعهن الحب في الله، أٍدن إيداع بصمتهن في عالم الدعوة والحياة
فجمعهتن أفنان على ذلك .
أفنان، فتاة يعرف الكثير قصتها، سعودية الأصل عاشت 14 ربيعا من حياتها
بدأت قصتها قبل خروجها للحياة عندما كانت والدتها حاملا بها رأى جدها في منامه
عصافيرا صغيرة تحلق في السماء وكانت بينهم حمامة بيضاء جميلة جدا
حلقت بعيدا وارتقت في السماء، اكتفى الجد بتفسير المنام لابنته على أنها ستنجب
فتاة لها في التقوى شأن كبير.
لم تستفسر الابنة عن تأويل المنام، وأنجبت بعدها ابنتها أفنان
وكانت تقية بلفعل ورأت فيها والدتها الفتاة الصالحة منذ طفولتها فكانت ترفض لبس
القصير والبنطال وهي التي لا تزال طفلة صغيرة.
عندما أصبحت في الصف الرابع ابتدائي حاولت الابتعاد عن كل ما من شأنه
أن يغضب الله تعالى، فكانت ترفض الذهاب إلى الملاهي والأفراح ولو كان لأقاربها
تعلقت بدينها أيما تعلق وكانت غيورة عليه محافظة على صلواتها والسنن.
بدأت مشروعها الدعوي في المرحلة المتوسطة، فكانت لا ترى منكرا إلا أنكرته
وحافظت على حجابها وهي التي لم يفرض عليها بعد.
تقول والدتها: [[ عندما أنجبت ابني الأصغر اضطررت لاستقدام خادمة
كوني موظفة وكثيرة الغياب عن البيت وكانت الخادمة سيرلانكية نصرانية
وعندما أن علمت أفنان بذلك انزعجت كثيرا إقناعي بالعدول عن الفكرة بقولها :
[[ أمي، كيف تلمس ملابسنا امرأة غير مسلمة؟ كيف تغسل أوانينا وتعتني بأخي كافرة؟
أنا على استعداد أن أترك المدرسةوأقوم بخدمتكم طوال اليوم شرط ألا تخدمنا كافرة ]].
تواصل الأم [[ لم أعر لها اهتماما كبيرا لحاجتي الملحة لتلك الخادمة
لكن المفاجأة كانت بعد شهرين من ذلك عندما جاءتني الخادمة فرحة وهي تقول
" ماما أنا خلاص علمتني أفنان إسلام أنا أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله "
كم كانت فرحتي بذلك كبيرة .
كنا نقوم بالتحضير لزفاف أخي وكان عم أفنان عزيز جدا على أفنان لكنها
رفضت الذهاب إلى العرس إلا أن إلحاحه عليها وقوله بأنه سيخاصمها إلى الأبد
جعلها تعدل عن قرارها، وذهبت إلى الحفل وكانت أجمل من فيه
جذبت إليها أنظار كل الحاضرات اللاتي بقين يستحسن جمالها وأخلاقها.
بعد زواج عمها بفترة بسيطة أحست أفنان بألم في رجلها، وكانت تخفي عنا الأمر
بقولها أنه ألم بسيط سرعان ما سيزول إن شاء الله، وبعد فترة أصبحت تعرج
لكنها أصرت على قولها بأنه ألم بسيط ليس إلا لكن بعد شهر أصبحت
عاجزة كليا عن المشي.
أسرعنا بها إلى المستشفى أين تم عمل الفحوصات اللازمة والأشعة لها
وكان الطبيب وطاقمه القائمين على أفنان أجانب وغير مسلمين، كانت صدمتنا عظيمة
عندما أخبرنا الطبيب بأن أفنان مصابة بسرطان في رجلها وأنه سيستوجب إعطائها
ثلاث إبر كيماوي كعلاج مما سيسبب تساقط كل شعرة من جسمها، صعقنا حقا
لهذا الخبر أنا ووالدها وعمها الذي رافقنا، وبيكنا بحرقة من أجل أفنان
أما هي فكانت كأنه زف إليها أسعد خبر في حياتها
إذ أنها بمجرد أن عرفت بمرضها وضعت يديها على فمها فرحة وهي تقو
ل [[ الحمد لله ॥ الحمد لله ॥ الحمد لله ]]
دنوت بها إلى صدري وضممتها بحرقة وأنا أبكي [[ ما بك يا حبيبتي ؟ ]]
فقالت [[ أمي ، الحمد لله أن المصيبة في بدني وليست في ديني ]]
وأخذت تحمد الله بصوت عال والجميع ينظر إليها بكثير من الدهشة والإعجاب.
استصغرت نفسي كثيرا وأنا أرى صغيرتي أفنان وقوة إيمانها ويقينها بالله
ومدى ضعفي وضعف إيماني أمام هذه المصيبة كل من كان بالغرفة تأثر بهذا الموقف
أما الطبيب وطاقمه الأجانب فقد أعلنوا إسلامهم عقب ذلك متأثرين بقوة إيمانها.
قبل أن تبدأ أفنان رحلة العلاج بالكيماوي طلب منها عمها أن تسمح له بإحضار" حلاقة "
لقص شعرها قبل أن يسقط بالعلاج، لكنها رفضت ذلك بشدة رغم إلحاحنا عليها وكانت تقول
[[ لا أريد أن أحرم أجر كل شعرة تسقط من رأسي ]].
انطلقنا بعدها أنا وزوجي وأفنان في أول طائرة إلى أمريكا قصد العلاج، وعندما
وصلنا إلى هناك قابلنا دكتورة أمريكية اشتغلت في السعودية لأكثر من 15 سنة
وكانت تجيد بعض الكلمات العربية سألتها أفنان عن ديانتها فأخبرتها بأنها غير مسلمة
جلست معها بإحدى الغرف ونفردت بها تكلمها عد دقائق جاءت الدكتورة وقد امتلأت عيناها دموعا
وقالت [[ اشتغلت في بلاد الإسلام 15 سنة ولم يدعن أحد إلى الإسلام
ثم أتت هذه الصغيرة وجعلتني أشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ]].
أخبرونا في أمريكا أنه لا علاج لأفنان إلا ببتر رجلها خشية أن يصل السرطان إلى رئتيها
ويقضي عليهالم تخش أفنان البتر بل كانت خائفة على مشاعر والديها، وبقيت مترددة في ذلك.
تقول صديقتها [[ تحدثت معها عبر المسنجر وهي في أمريكا، فسألتني قائلة :
[[ ما رأيك ؟ هل أدعهم يبترون رجلي ؟ ]] حاولت طمنأنتها والتقليل من خوفها وقلت
لها أنه بإمكانها وضع رجل اصطناعية بديلة، فأجابتني وقالت بالحرف الواحد
[[ أنا لا تهمني رجلي بقدر ما يهمني أن أوضع في قبري كاملة ]]
بعد إجابة أفنان أحسست أنني صغيرة جدا أمامها ولا أفقه شيئا، كان تفكيري ( كيف ستعيش؟ )
وكان تفكيرها أرقى من ذلك ( كيف ستموت ؟ )
بعد أن بترت رجل أفنان عاد الأهل إلى الرياض، أين كانت المفاجأة
( وصل السرطان إلى الرئتين )
كانت حالتها ميؤوس منها طبيا لدرجة أن الأطباء وضعوا بجانب سريرها زرا بمجرد الضغط عليه
تنزل إبرتي مخدر ومغذي.
وفي المستشفى لم يكن يسمع صوت الآذان، وكانت أفنان في حالة شبه غيبوبة
إلا أنه بمجرد دخول وقت الصلاة تستيقظ وتطلب ماء فتتوضأ وتصلي
دون أن يوقظها أحد.
أخبرنا الأطباء أنه لا جدوى من إبقائها في المستشفى فكلها يوم أو يومان
وستفارق الحياة. فعدنا بها إلى البيت وقد أصبحت غرفتها محاطة بالأجهزة الطبية
وكان الأقارب يعودونها بين الحين والآخر للمؤازرة والتخفيف من وطأة المصيبة
وفي أحد الأيام زارتها زوجة عمها وبمجرد أن دخلت الغرفة صعقت
ثم أغلقت الباب وتراجعت، خفت أن يكون قد حدث شيء لأفنان فلم أتمالك نفسي ودخلت
غرفتها أين دهشت لما رأيت كانت الأنوار مطفأة ووجه صغيرتي أفنان
كالبدر يشع نورا وسط الظلام، رأتني فابتسمت وقالت
[[ تعالي يا أمي، سأخبرك برؤيا رأيتها للتو ]]
فدنوت منها وقلت [[ خيرا إن شاء الله ؟ ]]
فقالت [[ لقد رأيت أنني عروس في يوم زفافي، وكنت أرتدي فستانا أبيض
كبير وجميل جدا وأنت وأهلي كلهم حولي، كلهم كانوا سعداء إلا أنت يا أمي ]]
فسألتها [[ وماذا تظنين تفسير رؤياك؟ ]] فقالت
[[ أظن أنني سأموت قريبا وكلهم سينسونني إلا أنت يا أمي
ستبقين تذكرينني وتحزنين لفراقي ]] وصدقت والله فقلبي إلى الآن منفطر لأجلها
وكلما تذكرتها حزنت .
تتابع والدتها قائلة : [[ في أحد الأيام كنت جالسة بقرب أفنان وكانت هي
مستلقية على سريرها نائمة فاستيقظت فجأة وقالت [[ أمي اقتربي مني ]]
فدنوت منها وقبلتني، قم قالت [[ دعيني أقبل خدك الآخر ]]
فاقتربت منها ثانية وقبلتني، وعادت لتستلقي على سريرها ثم توجهت نحو القبلة وقالت
[[ أشهد أن لا إله إلا الله ]] وجعلت ترددها عشر مرات ثم قالت
[[ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ]]
ثم فارقتنا أفنان لتذهب إلى بارئها الذي طالما أحبته واشتاقت إلى لقائه.
ومن من اشتاق إلى لقاء الله اشتاق الله إلى لقائه
بعد وفاة أفنان كانت غرفتها تفوح برائحة المسك لأكثر من أربعة أيام
لم أستطع تحمل ذلك لشدة حزني على فراق ابنتي فخاف علي زوجي وطيّب الغرفة
كي لا أشعر برائحة أفنان لكن ذلك لم يغير من حالي شيئا فلا زلت أتذكرها وأشتاق إليها ..
1 التعليقات:
لا إله إلا الله .. قصة مؤثرة جداً ..
بارك الله فيكم ..
إرسال تعليق
|| مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ||